19‏/04‏/2012

قراءة بين السطور في قصة نمو الصين الذي لا ينتهي

بول ج ديفيس من فاينانشال تايمز


لا يعرف الكثيرون اسمي "ليبو ميديكال تكنولوجيز" و "تينفو هولدنغز"- ولكن كلتا الشركتين هما في طليعة التنمية الاقتصادية في الصين. وكلتاهما صغيرتان نسبيا ومدرجتان في البورصة وتحاولان تحقيق هوامش أرباح أعلى عن طريق القيام بأشياء أكثر تطورا، أو بلغة الاقتصاديين، "الارتقاء في سلسلة القيمة".
شركة ليبو، التي تبلغ قيمتها تقريباً 1.7 مليار دولار والمدرجة في بورصة شنتشن منذ عام 2009، تصمم وتصنع الدعامات وأجهزة ضبط نبضات القلب وغيرها من المنتجات الطبية عالية التكنولوجيا. وهذا العمل يتطلب أن تكون عملية التصنيع ذات جودة وموثوقية عالية، ويتطلب كذلك الكثير من البحث والتطوير.
في المقابل، شركة تينفو، التي تقارب قيمتها مليار دولار والمدرجة في بورصة هونج كونج، تصنع الشاي- الشاي الصيني التقليدي. وتصنع علامة تجارية أكثر رقيا لتمييز الشاي الذي تصنعه عن الأنواع الأخرى على رفوف المتاجر الكبيرة. فهو أقرب إلى شاي تويننغز أو ويتارد منه إلى بي جي تيبس.
المشكلة بالنسبة للصين هي أن شركات مثل هذه لا تزال هي الاستثناء. فالكثير جدا من الصناعة الصينية عبارة عن أنشطة ذات قيمة منخفضة مثل التصنيع بناء على عقود معينة والمنتجات الجنيسة (أي التي لا توجد لها علامات تجارية حصرية). وانعدام الشفافية والفساد في النظام من الحواجز الهائلة أمام النمو- في عالم الشركات وكذلك في العالم السياسي.
يجب على الصناعة الصينية تطوير شركات عالية الهوامش إذا أرادت أن تفعل ما فشل فيه الكثير من الدول الآسيوية الناشئة الأخرى: تجنب فخ الدخل المتوسط. بالنسبة للصين، المشكلة حادة بشكل خاص- سيبدأ سكانها في سن العمل بالانخفاض بعد نحو عام 2017 وعليها أن تحقق مكاسب إنتاجية كبيرة لدعم السكان المسنين.
وقد بدأت الصين بالفعل تفقد بعض الأنشطة التصنيعية لمصلحة دول مثل فيتنام. وما يزيد الطين بلة هو أن الإنتاجية في الصين ربما تكون بدأت بالتراجع، وفقا لفريدريك نيومان، الاقتصادي في بنك اتش أس بي سي في هونج كونج. وقد كتب الأسبوع الماضي أنه يبدو أن هناك حاجة الآن لقدر أكبر من الاستثمار الرأسمالي لإنتاج كل وحدة من الناتج الاقتصادي.
تقول إحدى الروايات إن الصين شهدت نموا رائعا وحققت أرباحاً هائلة جدا خلال العقد الماضي لأن تكلفة العمالة الحقيقية كانت في انخفاض لأن دخولها إلى منظمة التجارة العالمية ساعد على دفع نمو الصادرات المذهل. والآن، بدأت تكاليف العمالة في الارتفاع وبدأ النمو بالتباطؤ. مع الأسف، كما تقول الرواية، تمت إعادة تدوير كل هذه الأرباح الهائلة إلى بنية تحتية أقل إنتاجا أو، وهو الأسوأ، استثمارات عقارية.
وحتى الشركات ذات الهوامش المنخفضة التي دفعت النمو في الصين، فإنها مليئة بأوجه القصور التي تجب معالجتها- وهو عبء آخر على ما يمكن للاقتصاد ككل تحقيقه.
والحل المقابل الأكثر تفاؤلا يأتي من الأسهم الخاصة وبعض مستثمري الأسهم العامة المتخصصين في الصين. فهم يصرون على أن هناك الكثير جدا من الشركات على غرار "ليبو" أو "تينفو" التي تغير البلاد من القاعدة إلى القمة.
إلا أن التحدي الماثل أمام المستثمرين هو إيجاد كل هذه الشركات وقادتها من أصحاب المشاريع - في الصين لا يزال من غير الحكمة على الإطلاق جذب الكثير من الانتباه إلى النجاح. والكثير من تلك الشركات تقدم أداءً جيدا فقط بسبب الموافقة الضمنية (أو حتى المكاسب الواضحة) لأجزاء من المؤسسة السياسية. والشركات التي لا تحظى بهذا - أو خسرته - قد يتم تقليصها إلى حجم أدنى. فقد اكتشف مؤسس شركة غوم، وهي شركة للبيع بالتجزئة للسلع الكهربائية والتي طورت علامة تجارية قوية، هذا في عام 2008 حين تم اعتقاله بتهمة التلاعب في سوق الأوراق المالية.
وما يساعد نجاح رجال الأعمال الذين يجارون هذه اللعبة هو النفوذ السياسي للبنوك - على المستويين المحلي والوطني. ولكن الشركات ستحتاج إلى أكثر من القروض المصرفية لكي تقفز الصين وراء فخ الدخل المتوسط. ويشكل انعدام الشفافية بين الشركات نفسها، وبين البنوك التي تدعمها، حاجزا كبيرا محتملا أمام الحصول على التمويل من الأسواق العامة.
وتكافح أسواق رأس المال في كل من الأسهم والسندات للتطور في دول تفتقر إلى أنظمة مصرفية شفافة، وفقا للعديد من الدراسات. ويقال أيضا إن العامل الحاسم لكون أداء دول جنوب شرق آسيا كان الأسوأ في أزمة 1997 لم يكن تدفقات رأس المال الأجنبي الكبيرة، بل مستويات الفساد وسوء الاستخدام السياسي للنظام المصرفي.
لقد أثيرت مخاوف المستثمرين غير الصينيين بسبب الأحداث في سينو فوريست وأماكن أخرى. ويقول أحد المصرفيين الذي يعمل كثيرا في الصين إن وجهة نظر المستثمرين الغربيين تغيرت، حيث كانوا يعتبرون الصين وعد النمو الذي لا ينتهي ولكنهم الآن يشكون بأن كل شركة هي عملية احتيال تنتظر كشفها.
يمكن القول إن الصين لديها مدخرات الأفراد والمؤسسات لاستثمارها في تطوير ما تحتاج إليه لوحدها. ولكن من المؤكد أن المستثمرين الصينيين ليسوا أكثر احتمالا لاستثمار أموالهم في شركات يمكن سحقها بسبب نزوات سياسية من أي شخص آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق